38 خاطرة رمضانية: نقد الذات

يتميز شهر رمضان بأنه شهر الشفافية فكثير من الناس فى غير رمضان يفعلون أشياء هم أنفسهم غير راضيين عنها،وبمجرد دخول شهر رمضان تجدهم يقلعون فورا عن تلك العادات السيئة،والحقيقة سألت نفسى سؤالا: لماذا يعارض البعض تصرفات الآخرين ولا يقبل هذا البعض نقد الآخرين،فمثلا المعارضون للأنظمة فى العالم العربى يلعنون وينتقدون كل شئ فى الأنظمة العربية الحاكمة بغض النظر عن نوعية المعارضة هل هى معارضة جدية أم هزلية هل هى معارضة حقيقية أم هى معارضة من أجل المعارضة ؟؟ وعلى اعتبار أن المعارضة حقيقية فالسؤال الذى يطرح نفسه لماذا البعض لا يقبل النقد حينما يوجه إلى المعارضة؟ هل هذا المعارض يتصور نفسه أنه يملك الحقيقة المطلقة،وهل إذا أراد زميله أو غيره أن ينبهه إلى خطأ ما فيكون بذلك قد ارتكب جرما،ولماذا لا يعتبر هذا المعارض أو ذاك أن نقدا ما قد يحفزك على أن تعطى أفضل ما لديك حتى لولم تصل إلى مبتغاك،أعلم أن كلمة الحق لها ثمن،وثمن باهظ أحيانا،بل دائما،وصدق من قال: "أن كلمة الحق لم تبق لى صديقا" وما أجمل كلمة الحق حينما توجه من صديق إلى صديق أو من داخل الصف فى أى مجتمع وهذا هو الاختبار الحقيقى للصداقة أو الزمالة الحقيقية فالمجاملات لا تصنع رجالا ولا تصنع كيانا،وقد يغتر البعض بقوة وهمية نتيجة المجاملات سرعان ما تنهار تلك القوة عندما تتعرض لاختبار حقيقى وكثيرا هى الاختبارات التى تعرض لها البعض ولا أدل على ذلك أكثر من مرحلتى ماقبل وما بعد ثورة 25 يناير والمعنى فى بطن الشاعر كما يقولون،وليعوّد الإنسان نفسه على قول الحق ولا يتصور أحد أن كلمة الحق فقط هى أمام سلطان جائر،أو أنها ضد نظام حاكم،وقد تكون هذه الكلمة أو الشهادة أمام سلطان جائر ليست بقوة الشهادة على النفس أو الأهل أو الأصدقاء،والقرآن الكريم لم يترك تلك المسألة لأن الله يعلم ما فى النفوس،ويعلم أن هناك من يحابى قريبه أو صديقه أو زميله أو ولده أو حزبه أو جماعته على حساب الحق،ووضح هذا جليا فى بعض الذين يجاملون نظام السفاح بشار الأسد على حساب الشعب السورى الأعزل هذا على سبيل المثال  فماذا يقول الله فى الشهادة،وكلمتى الحق والباطل هى من الشهادة  فيقول تعالى: "وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [الأنعام:152]، ويقول أيضا: "يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَاء للَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوٰلِدَيْنِ وَٱلأقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً" الآية [النساء:135} ولك أن تتخيل عزيزى القارئ أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل لعاطفة مكان فى كلمة أو شهادة الحق حتى لو كانت ضد فقير أو مع غنى فهناك من يكتم الشهادة خوفا على أذى فقير أو خوفا من سطوة غنى،والغنى ليس بالضرورة أن يكون غنيا بالمال فقد يكون أيضا غنيا بالسلطة،كم أتمنى من الجميع أن لا يضيقوا ذرعا بمن ينتقدوهم وطالما أنهم أعطو لأنفسهم حق انتقاد الآخرين فعليهم أن يتحملوا النقد من هذا الآخر باعتباره وجهة نظر قد تصيب وقد تخطئ وعلى الناقد أن لا يكون متحاملا ومتجاهلا وجهة نظر من ينتقده بهذا سينجح أى فريق يقبل الرأى الآخر وبغير هذا سيكون الفشل هو مصير المستبدين برأيهم مهما بلغ حجم قوتهم حتى لو كانت قوة حقيقية فما بالك لو كانت تلك القوة غير موجودة بالمرة إلا على سبيل الأمانى والأحلام ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه،ورحم الله امرءا عرف كيف تدار الأمور دون تردد أو تباطؤ فى اتخاذ القرارات وإلا سيكون مصير من لا يقبل النقد أو لا يكون حازما وغير متباطئ فى اتخاذ القرار كمن عاد بخفى حنين.