مرحبا بكم أعزائى زوّار مدونة لقمة عيش ، ونلفت الانتباه إلى أن جميع المقالات المنشورة خاصة بصاحب ومحرر المدونة مالم يشار إلى إسم أو مصدر آخر - مع خالص تحيات المحرر: أبوالمعالى فائق

الجمعة، 18 ديسمبر 2009

0 لا لتصفية جريدة الشعب..وإعدام حرية الصحافة

بقلم سجين التمديد والتوريث : مجدى حسين

ــــــــــــــــــــــ

من غرائب الطبيعة أن اعتبر الصحفيون أن مشكلة جريدة الشعب قد تم حلها أخيرا على يد نقيب الصحفيين باتفاق مع المضربين والمعتصمين من صحفي الشعب على توزيعهم على الصحف الحكومية !

بداية نحن نتمنى الخيرلهؤلاء الزملاء الذين حلوا مشاكلهم المادية ووجدوا عملا مستقرا وضمنوا تأميناتهم الاجتماعية خاصة وهم في معظمهم ليسوا من أعضاء حزب العمل ( الشعب لسان حال حزب العمل ) . ولكن تبقى قضية حرية الصحافة التي هي أساس هذه المهنة ، فهي مهنة الرأي والفكر والبحث عن الحقيقة ونشر الحقائق ، وهذا الاتفاق حولَ قضية جريدة الشعب – وهي الجريمة الكبرى للنظام في مجال وأد حرية الصحافة – إلى مسألة انسانية ، تماما كما يحول الغرب القضية الفلسطينية إلى مسألة انسانية ، حيث يقترح توطين وتعويض اللاجئين عن وطنهم . إن الأكل والشرب ليس هو غاية الانسان من الوجود ، وإذا كان الأمر كذلك فإن هناك مهنا وأعمالا كثيرة تدر أموالا أكثر بكثير من الصحافة . ولكن لكل مهنة رسالة في الحياة ، وهي بالتأكيد ليست الأكل والشرب لأن هذا من حقوق الانسان في كل المهن ! وهذا الاتفاق البائس قايض الأكل والشرب بحرية الصحافة وكأنهما لايجتمعان ، أو اذا تعارضا فلتذهب حرية الصحافة إلى الجحيم . ومرة أخرى فإن اسرائيل وسلطة عباس في الضفة الغربية يحاولان تقديم مكاسب مادية ومخصصات مالية كبديل للوطن الفلسطيني ، حتى تبدو سلطة رام الله أكثر واقعية وعقلانية من سلطة غزة !

إن جريدة الشعب تمثل رؤية فكرية وسياسية لتيار بدأ حفر مجراه في الواقع السياسي المصري منذ عام 1938 أي منذ 80 عاما .. تيار مصر الفتاة ، وحزب العمل الذي ورث هذا التيار وجدد فيه وتفاعل مع منابع الحركة الوطنية والاسلامية المختلفة ليقدم رؤية متميزة في عالم الفكر والسياسة في الربع الأخير من القرن العشرين ، حزب العمل الذي شكل زعامة المعارضة الرسمية في مجلس الشعب في دورتين مختلفتين ، هذا التيار الذي ترك بصماته على التاريخ المصري المعاصر ، قرر النظام أن يلغيه ويجمده منذ 10 أعوام بقرارات ادارية ، وجاءت كل أحكام القضاء لصالح جريدة الشعب وحزب العمل ، ولم يصدر حكم قضائي واحد ضدهما .

وينص الدستور المصري المنتهك على أن الصحف لاتلغى بالطريق الاداري ، ولكن النظام الذي يدعي انه يلتزم بالدستور يتجاهل ما يريد من هذا الدستور .

وهذا الاتفاق الأخير وصمة في جبين نقابة الصحفيين وحرية الصحافة ، لأنه يقر بتصفية جريدة الشعب من الوجود رغم أنف الدستور ، ورغم أنف الواقع التاريخي الذي يمثله حزب العمل ، ورغم أحكام القضاء .. فلن نجد في تاريخ نقابة الصحفيين اتفاق بتصفية جريدة ، لأن مهمة النقابة أن تحمي الصحف وحرية الصحافة لا أن تشرف على تصفيتها !

وهذا الاتفاق يؤكد معنى كريها وهو أن عودة جريدة الشعب للصدور من المستحيلات ، في عهد يسمي نفسه " أزهى عصور الديمقراطية " وحيث " لم يقصف قلم " ! بل ان النقيب نفسه ( مكرم محمد أحمد ) صرح في حديث صحفي بأنه لايعرف لماذا لاتعود جريدة الشعب رغم وجود صحف الآن تنشر أكثر مما كانت تنشره صحيفة الشعب ضد النظام ؟!!

إن الذي وقع هذا الاتفاق من الزملاء في جريدة الشعب وحزب العمل قد أنهوا بذلك علاقتهم مع جريدة الشعب وحزب العمل ، ونتمنى لهم الخير في حياتهم الشخصية وعملهم المهني الجديد في صحف الحكومة ، ولكن قضية جريدة الشعب ستظل مطروحة في اطار الصراع بين الحق والباطل ، وحرية التعبير حق مقدس كفلته شرائع السماء قبل قوانين البشر ، وان هذه المدرسة الفكرية التي نبتت في طين مصر برعاية أحمد حسين وفتحي رضوان وابراهيم شكري ود. محمد حلمي مراد وعادل حسين لن تموت وستظل حية ، لأن تاريخ البشرية يؤكد أن المعتقدات والأفكار لاتلغى بقرارات ادارية وان صدرت من أكثر السلاطين طغيانا ، وإن أصحاب مشروع الاستقلال الوطني ، والمشروع الحضاري العربي الاسلامي لايحتاجون لإذن السلطات لكي يبقوا عاملين في صفوف الشعب ، وان وسائل انتزاع حق التعبير لاتنتهي ، وان الحق ينتصر في النهاية مهما طغى الباطل .

أما جريدة الشعب سواء عادت للصدور في هذا العهد أوفي عهد تال فهي قد دخلت تاريخ الحركة الوطنية والصحافة الوطنية بالمعارك الكبرى التي خاضتها دفاعا عن الوطن والعروبة والاستقلال ، وحربها الضارية ضد الفساد ، ودفاعها المستميت عن الشعب المصري وحقوقه . وقد قامت بحملات غير مسبوقة ضد الفساد في وزارة الداخلية والزراعة والثقافة والبترول ، وتمكنت من ضرب بعض أوكار الفساد وأطاحت بسلسلة من الوزراء الفاسدين ، وأجبرت الدولة في النهاية على الأخذ بما كانت تطالب به في هذه الحملات ، وقد خاضت الشعب هذه المعارك حسبة لله والوطن ولاتريد منكم جزاءا ولا شكورا . وان حزب العمل سيواصل جهاده بكل الوسائل الممكنة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا . إننا على يقين من شئ واحد أن رسالتنا مستمرة وسنظل ماضين فيها ، وسنسلم الراية لأجيال الشباب الصاعدة أما الباطل فهو إلى زوال.

وان الحق سبحانه وتعالى يقول " فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ"

0 التعليقات:

إرسال تعليق