|
الشعب التونسى الهادر الهادر |
الشاب محمد البوعزيزى الذى لم يكن يعرفه إلا أصحابه وأصدقائه وجيرانه وأهل أسرته..هذا الشاب أجبر الكتّاب والمؤّرخين على أن يجعل من اسمه محفورا فى ذاكرة التاريخ،فقد اقترن اسمه بالواقع العربى الأليم من جهة،وبشهامة وكرامة الشاب العربى من جهة أخرى فإذا ذكر الفقر والحرمان وتهميش المواطن العربى ذكر معه "محمد البوعزيزى" وإذا ذكر اسم الطغاة فى تونس ذكر اسم "البوعزيزى" وإذا ذكرت ثورة تونس الحديثة فى 2011 وانتفاضة الشعب وانهيار النظام الحاكم فى تونس أيضا ذكر هذا الشاب "محمد البوعزيزى" الذى سيخلده التاريخ مرتين الأولى منذ أن استعبده النظام الحاكم فى تونس بقيادة الرئيس المخلوع والهارب "زين العابدين بن على" وضيق عليه الخناق حتى أحرق نفسه،والمرة الثانية والأهم حينما يطلقون على ثورة تونس الخضراء اسم ثورة "محمد البوعزيزى" وإذا كانت معظم النيران من مستصغر الشرر فإن ثورة الشعب التونسى كانت من مستصغر الأجسام فمهما كان حجم ووزن جسد الشاب "محمد البوعزيزى" فلن يقارن بأحجام وأوزان شعب كامل خرج للانتقام ليس لمحمد البوعزيزى..لكن خرج كل منهم بعد أن وضع نفسه مكان "البوعزيزى" وخشى على نفسه من أن يكون مصير كل منهم هو مصير "البوعزيزى" فكان الخروج الكبير للدفاع عن النفس بعد كبت وقمع استمر 23 سنة فى ظل نظام "بن على" واسرته الذى لم يكن بأفضل من سابقه "بورقيبة" وتصارع الكبت الذى أحدثه "بورقيبة" مع كبت "بن على" فانفجر الكبت المتراكم وكأنه انشطار حدث لقنبلة نووية لم يستطع صانعوها أن يتحكموا فى عدم نزع فتيلها،وما حدث فى تونس لا يقارن من قريب أو من بعيد بما حدث فى العراق،ولعل الشعب التونسى البطل سيضع الشعوب العربية عامة فى موقف محرج ومحرج جدا وسيضع الشعب العراقى خاصة فى موقف لا يحسدون عليه فبينما كان سقوط الرئيس العراقى هو صدمة كبرى للشعوب العربية واستقبله المواطن العربى من المحيط إلى الخليج بالبكاء لأن الذى أطاح بصدام هم مجموعة من العملاء استقووا بالمحتل الغربى والأمريكى،ونجد العكس تماما فى سقوط الرئيس المخلوع والهارب "بن على" حيث رأينا السعادة على وجوه الشعوب العربية وبدأ الناس يتصلون بعضهم البعض يهنئون أنفسهم لأن شعبا عربيا استطاع أن يتحرر بنفسه وبدون مساندة العدو الأمريكى،وبقراءة بسيطة فى هذا المشهد النادر فى تاريخ الأمة العربية نرى أن حس الشعوب مفعم بالوطنية والغيرة على الأوطان،ولعل كل مواطن عربى يسأل نفسه الآن ويسأل أنظمته الحاكمة هل ستظلون تعتمدون على عصا الأمن الغليظة أم أنكم ستستمعون إلى صوت العقل الذى يطالبكم باحترام الشعوب ومعاملتها معاملة آدمية،ربما يكون الأمن فى تونس هو أحد الأجهزة الأمنية العاتية فى المنظومة الأمنية العربية..لكنه لم يستطع أن يحمى رئيس الدولة لمدة شهر واحد،وهذا يعنى أن عقال الشعب إذا انفلت فلن تستطيع قوى أن تعيده إلى عقاله مرة أخرى فليس بالقبضة البوليسة يأمن الحاكم غضبة شعبه،وأن استقواء الحاكم خلف أجهزته الأمنية أثبت فشله وأن الأمن الحقيقى للحاكم إذ لم ينبع من شعبه فلا أمن ولا أمان له،وبخاصة إذا تحول الجهاز الأمنى إلى ما يشبه مجموعة من البلطجية تتسلط على رقاب العباد،على الرغم من
أن مصطلح ( بلطجى ) لم يكن يعنى المفهوم الذى تعارف عليه الناس اليوم
فكلمة بلطجى حسب ما جاء فى معجم سامح فرج (فرج للعامية المصرية والتعبيرات
الشعبية للصناع والحرفيين في النصف الثاني من القرن العشرين) أن تلك الكلمة
تعني حامل البلطة باللغة التركية، وأنه في عهد الدولة العثمانية كان
الجنود البلطجية هم الذين يحملون البلطة يتقدمون القوات الغازية لقطع
الأشجار بها ويشقون طريقا أمام القوات المتقدمة وكانوا أيضا يفتحون بها
الجدر والقلاع والحصون التى تستعصى عليهم لتسهيل اقتحامها ، وفى عصر محمد
على كانت قوات تحمل اسم " قوات البلطجية " ربما تتساوى تماما مع قوات الأمن
المركزى أو قوات الأمن الخاص فى الدول التى يحتمى حكامها خلف أجهزته الأمنية فكلمة بلطجى ليست كما يتصورها البعض أنها سيئة ، لكن
لتطور أو تحريف الكلم عن مواضعه فى كل شئ فى عالمنا فقد دخل التحريف على
كلمة البلطجة فصارت كما نراها اليوم أو كما تعارف عليها المجتمع من عمليات سلب ونهب وفرض أتاوات على المستضعفين من الرجال والنساء والولدان،والذين يقومون بهذا هم مجموعة من البشر اتفقوا فيما بينهم على تكوين عصابة منظمة تهدف إلى فرض قانون الغاب على المجتمع وبالطبع مثل هؤلاء هم قوم خارجون على القانون،فإذا تحول الأمن فى دولة ما إلى ما يشبه عصابة البلطجية وكل همه حماية الحاكم أو هكذا يظن فإنه بهذا يقوم بعمل استفزازى للشعب وهو ما حدث فى تونس أن بعضا من أفراد شرطة البلدية تعاملت مع "محمد البوعزيزى" بمنطق البلطجية بمفهومها السئ فلم تكتف الدولة بأنها لم توفر فرصة عمل لهذا المواطن التعيس الحاصل على مؤهل عال فسلطت عليه مجموعة من بلطجيتها لتهينه وتصادر ما معه من بضائع تكاد لا تكفى قوت يومه فضلا عن إهانته أمام أهله وجيرانه لأنه لم يدفع الأتاوة،ورب ضارة نافعة فقد كان هذا التصرف الإجرامى من بعض بلطجية الأمن التونسى الذى كان يغدق عليهم الرئيس المخلوع من الشعب هو بداية ثورة "محمد البوعزيزى" التى ستتكرر فى بعض البلدان العربية عاجلا أو آجلا بغض النظر عن العواقب "وللإوطان فى دم كل حر***يد سلفت ودين مستحق،وللحرية الحمراء باب***بكل يد مضرجة يدق"وما حدث فى تونس وما يحدث الآن من توابع زلزال تونس هو إنذار شديد اللهجة لكل حكام المنطقة العربية والأفريقية وأجهزتها الأمنية أن لا تأمنوا لهدوء الشعوب فهو الهدوء الذى يسبق العاصفة والنار تحت الرماد وإن ارتفاع الأسعار وأزمة رغيف العيش وتدنى الأجور
هى عوامل تعرية للنار التى تحت الرماد وبنفخة بسيطة فى هذا الجمر المتقد سنرى نارا موقدة ومؤصدة لن نجد من يستطيع إطفائها وحذارى من تسطيح الأمور ثم حذارى من السخرية بالوقفات والاحتجاجات المتكررة وأن التعامل معها بعنف سيقلب الأمور رأسا على عقب وأن مصطلح "قلة مندسة" قد ولى عهده فالقلة المندسة هى التى لا تستجيب لمطالب الشعب،والقلة المندسة هى التى تغتصب السلطات وتزور الانتخابات وتتأبد فى كرسى السلطة،والقلة المندسة هم من يدافعون عن الأنظمة الحاكمة التى تستعبد شعوبها والقلة المندسة هم الذين يرون فى الحاكم العربى المستبد أنه ولى أمرنا،وفى الختام أسأل أهل الحكم فى أوطاننا العربية وفى القلب منها مصر: "هل وصلتكم رسالة تونس أم أنكم ما زلتم فى غيكم تعمهون؟" والله من وراء القصد.
|
وماذا يفيد البكاء ؟؟ |
5 التعليقات:
تونس الخضراء
أرض السلام والمحبة
رحمه الله وغفر له
Vive les tunisiens
رحمة الله عليك يا محمد
ورحمة الله على كل ضحايا الطغيان
ولعنة الله على الطغاة المتكبرين
يا اخ ابو المعالى لاشك فى انا ما فعله هذا الشاب قد قلب الموازين ليس فى تونس فقط انما فى البلاد العربية جميعها , لكن بلا شك ايضا انا هذا الشخص بانتحاره هذا قد قرر من صميم نفسه الذهاب الى النار وان يخرج عن ملة الاسلام
أخى غير معرف
أسأل الله أن يرحمه وأن يتجاوز عن سيئاته فما فعله بوعزيزى كان دفاعا عن كرامته وهذا الذى كان بوسعه وأنا متعاطف جدا مع بو عزيزى ولن أقول عليه منتحرأ،بل أسأل الله أن يجعله مع الشهداء.
إرسال تعليق