الدكتور الشاعر والأديب والصديق المخلص الوطنى "عزت سراج" خص مدونة لقمة عيش بقصيدته الشعرية الرثائية التى نظمها فى رحيل شقيقته التى نسأل الله لها الرحمة والمغفرة،ومدونة لقمة عيش تتقدم بخالص التعازى له ولكل عائلة سراج بمحلة مرحوم،والمدونة تفخر بأن تنشر على صفحاتها هذا الرثاء،كما ترجو أسرة المدونة من الله فى علاه أن يتغمد الراحلة بواسع رحمته ويرزق أهلها الصبر والسلوان "إنا لله وإنا إليه راجعون"
***
إلى شقيقتى هويدا
زهرة الروح التى قطفت قبل أوانها
ولما تزال تفوح بالعبير
********
عَلَـى مِثْلِهَا تَبْـكِي السَّمَاءُ وَتَـجْزَعُ
وَتَبْكِي عَلَيْهَا الأَرْضُ حُزْنًا وتُفْجَعُ
**
وَتَرْنُو وَرَاءَ النَّعْشِ ثَكْلَى شَوَارِعٌ
تَـئِنُّ عَـلَى الصَّفَّيْنِ وَجْدًا وَتَـدْمَـعُ
**
وَيَبْكِــي جِــدَارٌ مِنْ وَرَاءِ جِــدَارِهَـا
وَيَهْذِي رَصِيفٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَهْرَعُ
**
وَيَغْفُو عَلَى الأَحْـزَانِ خَلْفَكِ مَسْــجِدٌ
يَــظَلُّ وَيُمْــسِي فِي الضَّرَاعَةِ يَشْفَعُ
**
يُحَــلِّــقُ عُصْــفُورٌ أَمَامَ حَـــمَامَـــةٍ
وَخَلْـــفَهُمَا سِـــــرْبٌ يَحُــطُّ وَيُقْلِـــعُ
**
يَـرُوحُ وَيَغْدُو جَــــانِحًا فَــوْقَ قَبْرِهَا
وَللهِ سِـــرْبٌ فِي السَّحَــابَةِ مُسْـــرِعُ
**
يَــطِــيرُ بَعِيــدًا ثُمَّ يَهْــبِـطُ قُــرْبَــــهُ
عَــلَى دَوْحَــةِ الأَشْوَاقِ يَدْعُو وَيَهْجَعُ
**
يَـحِــنُّ إِلَيْـــهَا الدَّوْحُ وَهْـــيَ بَــعِيدَةٌ
وَتَــهْلَكُ أَرْوَاحٌ عَــلَيْــهَا وَتَــصْــدَعُ
**
فَلا الصَّبْرُ يُـخْفِي مِنْ عَذَابَـاتِ أَهْلِهَا
وَلا هُــوَ يُبْــدِي سُلْوَةً حِــينَ تَــفْزَعُ
**
وَلِلصَّــبْرِ غَايَاتٌ وَلِلْمَــوْتِ رَاحَــــةٌ
وَلَيْــسَ إِلَى الْغَــايَاتِ بَــعْدَكِ مَــطْمَعُ
**
فَنِــعْمَ مَمَــاتٌ بَعْــدَ طُــولِ مَشَــقَّـــةٍ
وَبِـــئْسَ حَــيَاةٌ بَـــعْدَ مَــوْتِكِ تُــمْتِعُ
**
وَهَيْــهَاتَ أَنْ نَــحْيَا وَوَجْـهُكِ غَائِبٌ
وَنُــورُكِ لا يَمْــحُو الظَّلامَ وَيَــقْشَــعُ
**
فَــلا طَــابَتِ الدُّنْــيَا وَحُــلْوُ مَذَاقِــهَا
وَعُــــودِيَ صَـــبَّارٌ وَكَأْسِيَ مُتْـــرَعُ
**
تَـساقَطُ مِــنَّا أَنْفُــسٌ فَــوْقَ أَنْـــفُسٍ
وَتَــهْوِي رُؤُوسٌ تَحْتَهَا وَهْيَ تَخْضَعُ
**
فَكَمْ مِنْ صَغِيرٍ بَاتَ فِي اللَّيْلِ صَـارِخًا
وَكَــمْ مِــنْ كَبِــيرٍ يَسْــتَعِــيذُ وَيَــرْكَعُ
**
فَــلِلَّهِ هَــذَا الْــمَوْتُ لَيْـــسَ بــِرَاحِــمٍ
أَبًــا بَـــاكِيًا ضَـــعْفًا وَأُمًّا تُـــرَجِّــــــعُ
**
إِذَا كَــانَ مَـوْتُ الشَّيْخِ قَدْ يُوجِعُ الْفَـتَى
فَـــمَوْتُ حَــــبِيبٍ فِي الثَّــلاثِينَ أَوْجَـعُ
**
أَتَــغْرُبُ شَمْـسٌ مِنْ ضُلُوعِي عَــزِيزَةٌ
وَيُـــشْرِقُ نُــورٌ فِي الْقُبُورِ وَيَطْلُــعُ ؟
**
ثَــقِيلٌ عَــلَيْنَا الْمَــوْتُ حِــينَ يَجِيــئُنَا
وِلِلْــمَــوْتِ أَنْــيَــابٌ تَـــعَـــضُّ وَأَذْرُعُ
**
يَــمُـــرُّ عَــلَيْنَا الْيَــوْمُ لَــسْنَا نُــعِيــدُهُ
وَإِنــَّا ـ وَإِنْ شِــئْنَا الْـخــلُـودَ ـ لَنُصْرَعُ
**
يُــطَــافُ عَــلَــيْنـَا بِالْكــُؤُوسِ مــَلــِيئَةً
فَــــتَشْرَبُ إِنْ شِـــئْتَ وَإِنْ شِـئْتَ تَمْنَعُ
**
وَيَـــأْتِي الـــرَّدَى مُرَّ الْـــمَذَاقَةِ بَـــغْتَــةً
فَنَشْرَبُ كَأْسَ الْمَــــوْتِ حَتْمًا وَنَــــجْرَعُ
**
فَــقَــدْ كَــانَتِ الدُّنــْيَا تُـــحِيـــطُ بِبَـــهْجَةٍ
فَـــتَــضْـــحَـــكُ أَرْوَاحٌ وَيَـــسْـــعَدُ مَرْبَعُ
**
وَيَــبــْسُــمُ وَرْدُ الرَّوْضِ حِـــيــنَ تـَـفَتُّحٍ
فَـــتــَــطْــرَبُ أَكــْوَاخٌ وَيــَهــْنَأُ مــَسْـمَعُ
**
وَنَـــقْطِــفُ زَهْـــرَ الْقُـــطْنِ وَهْــوَ مُنَوِّرٌ
فَـــتَنـــْعَسُ أَهْـــدَابٌ وَتــَرْتـــَاحُــأَضْــلُعُ
**
وَكُــنّــَا صِـــغَـــارًا لا نُــفَـــارِقُ بَعْضَـنَا
تُــسَابِـــقُـــنِي لِلـــْبَــيْتِ لــَهْوًا وَتـُسْرِعُ
**
وَنَــصْعَدُ صَــفْــصَــافًا وَنَــقْتَاتُ تُــــوتَةً
عَــلـى جِــذْعِـهَا الــْوَانـي تُـهَـفْهِفُ أَفْرُعُ
**
وَتَــضــْحَــكُ مــِلْءَ الــثــَّغـْرِ حِينَ أَشُدُّهَا
وَأَحْــمـِلـُهَا عَــطـْفًا وَلِـلسّــَـقـْفِ أَرْفــــَعُ
**
تَــرُدُّ يَــدِي مَــكْــرًا وَتُبْــعِدُ شَــعْـــرَهَــا
وَتُــلــْوِي بِــرَأْسِـــي جَــانِبًــا ثُـمَّ تَـدْفَــعُ
**
وَتَــمـْضــِي تـحُـثُّ الـْخَطْوَ نَحْوِي تَشَوُّقًا
وَتَــرْجِــعُ مِــنْ خَــلْفِي إِلَى حَــيْثُ أَرْجِـعُ
**
فَــكَــانَتْ حَــبِيبًا لا يُفَــارِقُ مُــهْجَــتِـــي
وَكُـــنْــــتُ أَخَــا وُدٍّ يَـــصُــونُ وَيَمْنَــــعُ
**
فَــمــَا بَــالُــهَا صَــمَّـتْ عَنِ النَّاسِ أُذْنُهَا
فَــلا نَــطــَقـَتْ حَــرْفًــا وَلا هِــيَ تَسْــمَعُ
**
تَــبــَدَّلَ حــُسْــنُ الأَرْضِ حُــزْنًا وَغَيَّرَتْ
ســـمــاءٌ فــضــاءً وَالــْحَــدَائــِقُ بــَلـْقَعُ
**
تَــفــَرَّقَ شَــمــْلُ الأَهْــلِ بــَـعـْدَ تــَوَحّــُدٍ
وَكَــانَـــتْ تَـــضُــمُّ الأَبْــعَـدِيـنَ وَتَـــجْمَعُ
**
تُــقــَرِّبُ مــَظْلــُومــًا وَتــُبْــعــِدُ ظَــالـِمًا
وَتُـــطــْــعــِمُ مــِسْــكـِينًا تـَصـُومُ وَيَشْبَعُ
**
وَتَــحـْـنـُو عَــلــَى طــِــفـْلٍ يـَتِيمٍ تَضُمُّهُ
إِلَــى صــَدْرِهَــا الْــحـَانِي تَرِقُّ وَتُرْضِعُ
**
وَتَــأْوِي الأَيــَامــَى حــِيـنَ تــُغْلِقُ بَابَهَا
رِجَــــالٌ عَــلَـى ضَــيْمٍ تَــعِيشُ وَتَــقْنَـعُ
**
فَــيَــا لَــكِ مِنْ أُخْـــتٍ يَــعــِزُّ وُجُـودُهَـا
عَــلــَى زَمَــنٍ فَيـــهِ الـــذَّلِــيـلُ مُــمــَنَّعُ
**
يَــفــِرُّ ضَــعــِيـفٌ ، وَالْـجَــبَـانُ مـُؤَمَّنٌ
وَكَـــرَّ قَــــوِيٌّ ، وَالشُّــــجَـاعُ مُــــرَوَّعُ
**
يَــصُـونُ الــذَّلــِـيـلُ الْــمــُسْتَرِيحُ لِبَاطِلٍ
وَمِـــنْ تَـــعَبٍ حَـــقُّ الْــعَــزِيزِ مُـــضَيَّعُ
**
فَـأَنــْتِ ـ وَإِنْ حَــنَّ الْــفــُؤَادُ ـ وَدِيــعَــةٌ
يَــجــُودُ بــِهــَا رَبٌّ يــَضــُرُّ وَيَــنــْفـــَعُ
**
أَرَاحَـــكِ مِـــنْ هَـــمِّ الْــحَيَــاةِ وَجَـوْرِهَا
وَفُــزْتِ بِــرِضْـــوَانٍ وَوَجْــهُــكِ أَنْـصَعُ
**
يَــطُـوفُ عَــلـَـيـْكِ الــصَّابـِرُونَ بـِجَنَّةٍ
وَكَــفّـُكِ مــَخــْضُــوبُ الـْـبـَنَانِ مُرَصَّتعُ
**
فَــطُــوبَـى لِــعَبْــدٍ فِــي مَــنــَازِلِ رَبِّــهِ
يُــمــَازِجُ حُـــورًا فِــي الــْجِنـَانِ وَيُمْتَعُ
**
وَلَــسْنــَا ـ وَإِنْ شِــئْنَا الْــحَيَاةَ ـ خَوَالِدًا
وَكُــلُّ امْــرِئٍ يَـــوْمَ الــْــفَـرَاقِ يُــوَدَّعُ
**
فَلَــيْسَ امْــرُؤٌ يَسْــطِيعُ رَدَّ قَــضَــائِــهِ
إِذَا جَـــاءَ مَنْـــظُورًا عَــلَى الْبَابِ يَقْرَعُ
**
يَــدُقُّ عَــلَيْــهِ الــرُّوحَ حِــينَ يَــرُدُّهَــا
إِلَــيْــهِ سَــرِيــعًا فِي يَــدَيْــهِ ، فَتُــنْـزَعُ
**
وَإِنْ طَـــالَ عُــمْرُ الْمَرْءِ أَوْ قَـلَّ عُـمْرُهُ
فَــلا بُــدَّ أَنْ يَــأْتِي رَحِـــيلٌ وَيُسْــــرِعُ
**
تَــجِـيءُ مَــنَايَــانَا عَـــلَى حِــينِ غِـرَّةٍ
وَتَــضْــرِبُ مِــنَّا مَــنْ تَــشَاءُ وَتَصْرَعُ
**
وَتَــنْشِــبُ فِــي الأَرْوَاحِ مِــنَّا أَظَــافِـرًا
وَيَــدْخُــلُ نَـابٌ فـِي الـْـعـُرُوقِ وَإِصْـبَعُ
**
وَتَــخْــرُجُ رُوحٌ فــِي إِبــَاءٍ عَــزِيــزَةٌ
تَــذَلُّ لــِرَبِّ الــْعــَالـَمـِيـنَ وَتـَخـْشَــعُ
**
وَتَـلـْتـَفُّ سَـاقٌ فَـوْقَ سَـاقٍ وَتـَرْتـَقِي
إِلَــى اللهِ نَــفْــسٌ تـــَسْتَغِيثُ وَتَضْرَعُ
**
وَيُــحْـمـَلُ جُــثْـمـَانٌ وَيُلْقـَى بـِحـُفـْرَةٍ
يُــوَارَى عَــلَيْنَــا بِالتـُّرَابِ وَنــُقـْمَــعُ
**
وَيَــحْــثـُو عَــلَيْنَا فِــي بـُكَـاءٍ صَدِيقُنَا
وَيَــنـْأَى بــَعــِيــدًا ثُــمَّ يَسْلُو وَيَرْجِـعُ
**
يَــضِيــقُ عَــلَيْنَا الْقـَبْرُ حِـينَ يَضُمُّنَا
وَكُـنـْا نــُغَنِّي فِــي الــرُّبــُوعِ وَنـَرْتـَعُ
**
فَــإِمَّــا إِلَــى رَوْحٍ وَرَيْــحَــانِ جَــنَّـةٍ
وَإِمَّـــا إِلَــى نَــارٍ نُـسَاقُ وَنُــسْــفـَعُ
**
فَــلَـيـْسَ مـِنَ الأَهْــوَالِ لِلْمَرْءِ مَهْرَبٌ
وَلَــيْــسَ لـَنَــا إِلا إِلــَى اللهِ مـــَفــْزَعُ
**
فَــلا تَــحْــزَنِي يـَا أُمِّ إِنْ يَغْلِبِ النَّوَى
وَإِنْ غَــابَ نَــجْــمٌ أَوْ تَــبـَاعَدَ مَطْلَـعُ
**
سَــتَطْـلُعُ شَـمْـسٌ مِنْ دَيَـاجِيرِ قَـبْرِهَا
وَتُـشْــرِقُ بِالأَنْـــوَارِ يَوْمًـا وَتَـسْطَـعُ
**
شعر الدكتور "عزت سراج
أستاذ الأدب والنقد المساعد بكلية التربية-جامعة الملك
|
|
3 التعليقات:
شكرا للصديق الكريم على اختيار تلك القصيدة الراقية ، وكنت أود معرفة بعض المعلومات عن صاحبها الدكتور / عزت سراج ، وأسماء مؤلفاته ، وكيف يتم الحصول عليها ، ونرجو من حضرتك نشر مزيد من قصائده الجميلة ، مع خالص تحياتي وتقديري .
الأستاذة ليلى شكرا على زيارتك للمدونة وبدورى سأقوم بأرسل تعليق حضرتك إلى الدكتور عزت لإفادتنا بطلب حضرتك
مع خالص تحياتى
الأخت ليلى يمكن إرسال بريدك الإلكترونى حتى أرسل لحضرتك أسماء مؤلفات الدكتور عزت سراج
إرسال تعليق