فى أول انتخابات رئاسية جرت فى مصر فى السابع من سبتمبر 2005 بعد التعديلات الدستورية التى وصفتها بعض القوى السياسية بالمفصلّة التى فاز فيها الرئيس المصرى الحالى بأصوات لا تصلح أن تكون مقنعة لرئيس فى دولة ديمقراطية،أو حتى شبه ديمقراطية،ولأننا ليس فى دولة ديمقراطية ولا حتى شبه ديمقراطية فالرئيس عندنا يفرح بأى أصوات تأتيه بغض النظر عن مدى صحتها طالما أنه حصل على أصوات أكثر من الذى يليه من المرشحين،وحتى لا ينسى الناس فى ظل زحمة الحياة..أن الرئيس المصرى قدم برنامجا انتخابيا تعهد أن يقوم بتنفيذه فى فترة رئاسته الحالية،وأيضا لأن النظام المصرى فى أغلب قراراته يعتمد على ضعف ذاكرة المواطن المصرى فنجده يضع الخطط والبرامج المستقبلية -طبعا على الورق- لكنه لا ينفذ منها إلا ما يخدم فقط مصالح رجال الأعمال المسيطرة على الاقتصاد والسياسة فى مصر،أمّا المواطن الكادح محدود الدخل أو معدومه لا مكان لهم فى سياسة النظام المصرى على الرغم من جميع خطب وتصريحات المسئولين التى هى المتاجرة بأصحاب الدخل المحدود وكثيرا ما نسمع عن تصريحات وردية مزيلة بجملة "نحن نعمل من أجل مصلحة أصحاب الدخل المحدود" أو ما شابهها من جمل وتصريحات للتسكين والتخدير،والحق أقول: أنهم يعملون ويبذلون قصارى جهدهم من أجل أصحاب الدخل المحدود لدرجة جعلتهم أصحاب الدخل المعدوم،ومن ينظر إلى الخريطة الجغرافية فى مصر وينظر إلى الكم الهائل من البشر الذين لهم فقط ملامح وأسماء البشر،لكن واقعهم يقول أنهم بعيدون كل البعد عن المصطلح البشرى من حيث المعيشة الضرورية.
وبرامج التلفزيون المصرية الرسمية،شبه الرسمية تأتينا كل يوم بمصائب وعيشة هؤلاء "البشر" والفضائيات تعرض ما هو مسموح بعرضه الذى هو أقل من الحقيقة بكثير،ونشر تلك القضايا فى الفضائيات المصرية ليس من أجل البحث عن الحلول بقدر ما هو عملية تفريغ كبت للمواطنين بعد أن فاض بهم الكيل هذا من ناحية،ومن ناحية أخرى لتفويت الفرصة على بعض المعارضة التى تريد استغلال بعض الأمور والعمل عليها..من ينظر إلى هؤلاء يعرف حجم الاستهتار من الدولة تجاه المواطنين،لن أتحدث عن الممارسات الأمنية التى مورست ضد معارضى الرئيس فى يوم الانتخاب الصورى فهذا معلوم من السياسة بالضرورة ولا يجهله إلا متغافل ساه ليس له فى السياسة من شئ،ولا يمكن أن نغفل حملة المعارضة قبل فترة الانتخابات الرئاسية-التى شارك فيها بعض الممثلين المسرحيين من بعض أحزاب المعارضة الذين قاموا بدور المرشح المنافس ولا نستطيع أن نطلق عليهم إلا وصف "الكومبارس" بخلاف الدكتور أيمن نور الذى خاض المعركة بطريقة أقرب إلى وصف المنافسة بغض النظر عن رأينا فى الدكتور "نور" بعد تردده،وتقربه من الأمريكان بطريقة قد تكون ملفتة للنظر والدكتور "نور" نسخة 2005 بالتأكيد غير الدكتور"نور" نسخة 2011 فهناك فرق حسب وصف منتقديه- أقول أن المعارضة قبل انتخابات الرئاسة فى 2005 قامت بحملة قوية كان شعارها" لا للتمديد..لاللتوريث" والمتابع للحركة السياسية فى مصر يرى تراجعا قد حدث لهذا الشعار وكأن البعض قد أخذ ميثاقا من الرئيس مبارك بأنه سيتنحى ولن يرشح نفسه لفترة مقبلة فبدأ الحديث عن التمديد يتلاشى وهو الذى صرح " بعظمة لسانه" أنه سيحكمنا لآخر نفس فيه طالما فيه قلب ينبض،وهذا حقه يقول ما شاء،لكن فى المقابل يجب أن لا نحصر الموضوع فى التوريث الذى فرصه أقل من فرص التمديد فهناك بعض الشعارت نجدها تركز على موضوع التوريث،وهذا يعنى أنها قابلة وراضية عن موضوع التمديد،وأصبح البعض يردد بقوة عن مقاضاة جمال مبارك عن ثروته وتدخله فى شئون السياسية وهذا أيضا أول باب من أبواب قبول فكرة التوريث فالدولة لن تعجز عن السبل التى تبرئ الأستاذ جمال مبارك إذا صحت الاتهامات الموجهة إليه،وفى تلك الحالة يكون قد كسب أولى جولات معركته مع المعارضة..لو تركنا كل تلك الأطروحات "التمديدوالتوريث" ونظرنا إلى البدائل المطروحة التى تعد بمثابة السذاجة،وإن كنت أرى أن الجميع معذور فكل هم المعارضة هو التغيير حتى لوكان غير مدروس..فمثلا حينما يتم طرح شخصية مثل الدكتور "محمد البرادعى" أجد نفسى مضطرا للضحك حتى القهقهة ليس على شخص الدكتور "البرادعى" الذى له كل الاحترام ولمواقفه الشجاعة والجريئة فى عدم انحيازه لأمريكا من أجل فبركة التقارير ضد إيران،لكن هل من أجل الرغبة فى التغيير نأتى بأى شخص لا علاقة له بالواقع المصرى واهتماماته منصبة فى عمله فهو "المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية" وهو شخصيا لم يطرح نفسه كمرشح رئاسى ولو تم هذا يكون الرجل قد وضع نفسه فى مأزق هو أكبر وأذكى من أن يضع نفسه فيه،بل إنه رفض العودة إلى زيارة مصر فى تلك الفترة خوفا من ملاحقته إعلاميا بعد أن تردد اسمه كثيرا فى وسائل الإعلام المختلفة بخصوص ترشحه للرئاسة ولو فعل هذا سيكون مشارك أيضا فى عملية "الكومبارس"إن هو قبل بهذا الدور لسبب وجيه هل الدكتور البرادعى قيادة فى أى حزب من الأحزاب المصرية حتى لو كان الحزب الوطنى،هل هو عضو فى مجلس الشعب تم انتخابه وهذا يضع الكثير فى حرج لعدم معرفتهم بالمادة 76 "المفصلة" إذ لم يكن كذلك فالتعديل الدستورى لم يعطه الحق فى الترشيح بعد أن وضع العراقيل أمام المستقلين،ثم الحديث عن عمرو موسى،وهل السيد عمرو موسى بعيدا عن النظام المصرى،وماذا فعل عمرو موسى فى كل المناصب التى تقلدها،والتى لم نره يوما يهدد باستقالته احتجاجا على وضع ما داخليا وخارجيا،ويوم أن كان فى مؤتمر دافوس وانسحب رجب طيب أردوغان احتجاجا على مذابح غزة لأنه لم يعطه أحدا الفرصة فى الحديث كما أعطوها الرئيس الصهيونى لم يسانده عمرو موسى وظل فى مجلسه بحجة الرد.. أى رد. وغير خاف على أحد أن السيد عمرو موسى من رواد مدرسة الحزب الوطنى،وهذا الطرح فضلا عن أنه يضعه فى موقف حرج مع النظام إلا أنه يثبت أن الذين يطرحوه إنما يريدون إثبات مواقف ليس إلا،وقد يظن ظان أننى أؤيد التوريث لجمال مبارك أو غيره من مدرسة الحزب الوطنى الحالية..فالحزب الوطنى ملئ بالكوادر التى تصلح أن تنافس جمال مبارك بغض النظر عن رأينا فى مبادئ الحزب الوطنى،لكن على أى أساس هل على أساس التزوير والبلطجة نحن نأمل أن يكون فى مصر فرز حقيقى للعملية الانتخابية ثم يترشح من يترشح بغض النظر عن انتمائه الحزبى وربما لو كان الأستاذ جمال مبارك ليس من أبناء الرئيس لما حدث هذا اللغط حول التوريث فتهمة التوريث ستلتصق بجمال مبارك طالما والده فى السلطة،ولو أن هناك مستشارا أمينا لمبارك كان ينصحه بالتخلى عن الرئاسة أو يعلن مثلا أن بقائه فى الرئاسة سينتهى بانتهاء تلك الفترة..فى تلك الحالة فقط يترشح جمال مبارك..يترشح علاء مبارك حيث سيكون السند الذى كان يعتمد عليه أحد أبناء الرئيس قد انتهى،وبالتالى سنجد كثير من أعضاء الحزب الوطنى فى حالة تذمر من تسليط الضوء فقط على شخص "جمال مبارك" فالكل يعلم أن الحزب الوطنى استمد قوته من الرئيس الذى يرأس الحزب،ولو تخلى عنه رئيس الدولة وأصبح مثلا رئيسا لحزب "مصر2000"ستنتقل كل صلاحيات الحزب الوطنى إلى حزب مصر 2000 وأنا قصدت بتسمية الحزب لحاجة فى نفس يعقوب، لكن فى نفس الوقت لا تأخذنا العاطفة لمجرد أننا نقول نجحنا فى وقف التوريث،التمديد والتوريث وجهان لعملة واحدة ولا يمكن بحال من الأحوال فصلهما والذى يعترض على التوريث ولا يعترض على التمديد فهو غير صادق فى طرحه فكل ساعة تمر هى مساندة قوية للتوريث إن كان هناك توريث،ولا بد من إشراك الشعب المصرى كله فى تلك القضية عن طريق جمع التوقيعات وبقوة فى ظل مباردة ائتلافية هى التى تحدد شخصية متفق عليها مسنودة من الشعب بتوقيعات تطالبه بالترشح لرئاسة مصر مع عملية تصحيح لتعديل المادة 76 بحيث لا يجد الشعب عقبة أمام من يختاره للترشيح،وأيضا تطالب الرئيس مبارك بعدم ترشحه لفترة مقبلة وفى حالة عدم موافقة الشعب للتوقيع على عدم التمديد والتوريث بعد أخذ الأمر بجدية ممن يتحدثون عن التغيير فى مصر..إذا رفض الشعب التغيير من خلال التوقيعات فلا يلومن إلا نفسه،ونستمر فى مسرحية انتخابات الرئاسة على غرار ما حدث فى الانتخابات السابقة التى إذا سألت أحد المواطنين عن معرفة أسمائهم لا يعرفون إلا الرئيس مبارك بصفته الرئيس من 14/10/1981 ومرشح آخر نظرا للأحداث التى مرت به سواء كانت تلك الأحداث صحيحة أو غير صحيحة،وأنا أعرف أحد رؤساء الأحزاب الذين ترشحوا فى الانتخابات السابقة أعضاء حزبه لا يعرفونه ولا يعرفهم وأحدهم صرح بأنه سيعطى صوته للرئيس مبارك،وآخر كان برنامجه بأن ينهى مشاكل مصر بصيد السمك،وآخر عقد مؤتمرا جماهيريا كان السرادق مزدحم عن آخره،لكنه ازدحم بالعيال يعنى أكثرمن 95%من الذين حضروا لا يحق لهم التصويت لعدم وصول سنهم إلى سن الاقتراع،وستتكرر تلك المهزلة فى الانتخابات القادمة إن استمرت الأمور على ما هى عليه من تفكك فى المعارضة،وأصبح البعض يسرق أفكارا طرحها آخرون ويبنى عليها،بل ويحرف مسارها،وحذارى ثم حذارى أن يتطرق أحد لأى أجندات خارجية فأمريكا والغرب لم ولن تساعد أحد مجانى،ولا ننسى تصريحاتهم وقت الهجوم على العراق واحتلاله ووضعوا تسلسلا للدول المراد احتلالها ثم قالوا لعنهم الله: "والجائزة الكبرى مصر" فلنحذر جميعا من مكر الغرب عامة وأمريكا خاصة فإذا كانت مصر هى الجائزة الكبرى فلتكن للمصريين الوطنيين وفقط وشلّت يد كل من يحاول الاستقواء بالخارج عدوا كان أم صديقا.
|
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق