بلال فضل الكاتب الساخر الذى ربما لا يتفق فى كثير أو قليل مع أطروحات مجدى حسين إلا أنه كتب مقالا اليوم فى عموده " اصطباحه " فى جريدة المصرى اليوم بتاريخ 7/2/2009 أراه مقالا تضامنيا مع الأسير مجدى حسين ،
المقال
البلاد والعباد فيصفون من شاؤوا بأنه وطني يحب مصلحة البلاد، ويلبسون من شاؤوا تهمة زعزعة إستقرارها، فليسمحوا لي بتذكيرهم أن مصر ليست بحاجة إلى جهود الذين يزعمون حبها لمجرد أنهم يدافعون عن حكامها ويتزلفون لهم عمال على بطال، بقدر ماتحتاج إلى أمثال مجدي أحمد حسين بكل تمرده وشغبه وتحطيمه للخطوط الحمراء.
أدافع عن حرية مجدي أحمد حسين ولست على ثقة أنه سيدافع يوما عن حريتي، لكنني لست من الذين يؤمنون بحريتهم وينكرون حرية خصومهم، وعندما أقول أنني خصم لمجدي أحمد حسين فأنا أتحدث عن الخصومة الفكرية التي تجعلني أختلف معه في تسعين بالمائة على الأقل من أفكاره ومواقفه وكتاباته، لكنني في نفس الوقت أقف بكل إكبار لتصديق هذا الرجل لما يقوله ولمحاولته الدائبة أن يكون قد قوله، لا أتحدث عن محاكمته الحالية بتهمة التسلل إلى غزة فأنا واثق أن القضاء العادل سينصفه، بل أتحدث فقط عن تلك الأقلام التي تنهش في لحم الرجل وتنسى أن مجدي أحمد حسين ليس شابا طائشا لكي نعاقبه لأنه تسلل عبر الحدود من دون إذن أهله، بل هو سياسي مصري عتيد نسبا وعريق مشوارا، وعندما تغلق حكومتنا أبواب معبر رفح في وجهه وفي وجوه ممثلي القوى السياسية للشعب المصري من نواب وكتاب وإعلاميين لكي يتضامنوا مع إخوانهم من أهل غزة، يكون علينا أن نحيي مجدي حسين لأنه اتخذ تلك الخطوة الجريئة التي تتسق مع شخصيته فقد أثبت فعلا لا قولا أن مثقفي مصر وسياسييها متضامنون مع أهل غزة، وإذا كان لحكومتنا ضروراتها فللشعب المصري إختياراته، ومجدي أحمد حسين اختار أن يوصل صوته بنفسه بدلا من أن يكون من مناضلي الفضائيات أو السلالم مع خالص تقديرنا لمن صدقت نواياهم منهم، وهو بعد أن فعل ذلك لم يبق في غزة لكي يعلن الحرب الإذاعية منها على مصر كما كان يفعل بعض المثقفين في عهد السادات، بل عاد إلى بلاده بكل شرف ورجولة، وأنا شخصيا أتضاءل أمام ما فعله، وأقول له ما فعلته ليس جديدا على شخص مثلك، شخص عندما أقرأ مقالاته النارية التي يدعو فيها الشعب المصري إلى التحرك لأخذ حقوقه بيده، أختلف مع جموحه وأجده جريا وراء سراب لن يتحقق، لكنني أدرك أن كاتبه ليس من أولئك الذين يكتفون بتأتيت الشعب المصري وتقطيمه وتسميعه كلمتين بايخين، بل سيكون أول من يسعى لتحويل مايحلم به على الورق إلى واقع ملموس، حتى لو إنتهى به الأمر وحيدا تحت بيادات الضباط أو مخطوفا داخل ميكروباص أمني يحتجزه بعيدا حتى تنفض الغاغة، وأمام رجل أفعال ومواقف رأيته يقف مجروحا بأيدي الأمن ورغم ذلك يقف مبتسما يواصل الهتاف لما يراه حقا، يجب أن ينحني أهل الكلام من أمثالي احتراما وتقديرا ثم يشرعون في تأكيد إختلافهم ولو كان جذريا.
لقد كان لي شرف أن أكون واحدا من الذين خاضوا معركة ضارية ضد حزب العمل وصحيفته الشعب أثناء أزمة رواية وليمة لأعشاب البحر التي قادها المرحوم عادل حسين والأستاذ مجدي حسين ومن معهما، ولم أفعل ذلك إرضاء لسلطة أو تثبيتا لكرسي وزير، بل دفاعا عن حرية الفكر والرأي والإبداع، ولذلك كنت وكثيرين ممن وقفوا موقفي ضد قرار تجميد حزب العمل وإغلاق صحيفته، إيمانا بأن مجابهة الأفكار وإن كانت متشددة لا تجابه بالتدخلات الأمنية والتعسفات السلطوية، بل بالمزيد من الحرية والمزيد من الإنفتاح على كل الأفكار والتخلي عن عقلية لاحرية لأعداء الشعب التي لم تجلب لمصر سوى دفع المتشددين إلى العمل السري تحت الأرض ليخرجوا على البلاد من حيث لا تدري ولا تحتسب، فضلا عن عدم ثقتي في أن تجميد حزب العمل كان هدفه الدفاع عن حرية الإبداع، بقدر ماكان سعيا لتكميم صوت خاض معارك ضارية ضد الفساد والإستبداد، صحيح أن بعضها كانت معارك طائشة وفي غير موضعها، لكنها على الأقل لم تكن معارك ممولة من الخارج أو مشبوهة الأهداف وإلا لما كانت أجهزة الدولة قد سكتت عليها وغلب حميرها معها.
أقولها وأجري على الله، المجتمعات المتخلفة هي التي تجزع من إحتواء الساخطين والمتمردين والخارجين على أعرافها وقوانينها. أما المجتمعات المتحضرة فهي تدافع عن حرية معتدليها بقدر ماتدافع عن حرية متشدديها، لأن في ذلك السبيل الوحيد لإقناعهم يوما ما بضرورة إحترام حرية الآخرين.
|
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق