مرحبا بكم أعزائى زوّار مدونة لقمة عيش ، ونلفت الانتباه إلى أن جميع المقالات المنشورة خاصة بصاحب ومحرر المدونة مالم يشار إلى إسم أو مصدر آخر - مع خالص تحيات المحرر: أبوالمعالى فائق

الخميس، 27 نوفمبر 2014

0 الرقص الشرقى

غلاف مجلة "أهل الفن" العدد الأول 12هأبريل 1954

     تعجبت كثيرا حينما وجدت هذا الموضوع فى مجلة عمرها 60 عاما وفى عددها الأول الذى صدر فى 12 أبريل 1954 وكانت تباع بـ "قرشين صاغ" يوم أن كان للقرش والتعريفة والمليم شأن عظيم -ليس هذا موضوعنا- إنما الذى أردت أن أتناوله فى هذا الأمر هو موضوع خاص بالرقص الشرقى وكيف كانت الرقابة فى مصر تتصدى له فكتبت المجلة التى حملت اسم "أهل الفن" كانت تصدر كل أسبوع وكان الموضوع تحت عنوان (المشكلة بين الرقابة والسينما - الرقص الشرقى) للأستاذ "عبدالرحمن صدقى" مدير المراقبة الفنية فى ذلك الوقت،والحقيقة حينما نظرت فى العنوان تخيلت أن الرجل سيدافع عن الرقص الشرقى وحتى اللحظة لا أعرف لماذا أطلقوا عليه هذا المصطلح هل هو نسبة إلى الشرق الأوسط وبعيدا عن الكلام الكبير أنا سأنقل لكم ما جاء نصا للأستاذ مدير الرقابة 

المشكلة بين الرقابة والسينما
الرقص الشرقى
للأستاذ عبدالرحمن صدقى
     "اتفقت قواعد الرقابة السينمائية فى العالم .. على  ألا تتعرض السينما لما يتعلق بالسياسة العامة للدولة .. أو يمس المسائل الدينية بشكل ينذر بالخطر .. وأن تحرص على التسامى عما يتنافى والآداب والأخلاق العامة. والرقابة بعد ذلك مسألة تقدير يراعى فيه ألا يكون شخصيا ، وأن يكون باعثه الحرص على سمعة وكرامة الدولة .. وكيان الشعب.
     وأرى أن الرقيب والمنتج والمخرج السينمائى متفقين على هذه المبادئ فى مشكلة أخجل فى أن أتناولها فى حديثى .. بل أشعر وأنا أتحدث عنها أنها لا تستحق أن تكون مثار خلاف أو موضع حديث فى صناعة السينما وبنوع أخص فى مثل هذا العهد الناهض..
     فالمنتج السينمائى يصر على أن يحشر فى فيلمه ألمع الراقصات،ويحشر فى مشاهد الفيلم عدة رقصات تجتمع فى حركتين مكررتين تؤديهما الراقصة،ولا غاية منهما إلا استفزاز الغرائز الدنيا من الإنسان .. ويخلو بعد ذلك الرقص الشرقى من أى معنى سوى إثارة الغريزة بصورة فاضحة .. والمفروض أن السينما عمل ثقافى إلى جانب أنه تسلية .. فهى إذا تعرضت للمشكلة الجنسية .. ولا بد أن تتعرض .. لها كان عليها أن تحاول السمو بها ، لا إبراز جانبها الحيوانى الذى يستوى فيه الإنسان والحيوان ، أو حل مشكلاتها كما يفعل الفيلم الإيطالى .
     ونحن كرقباء حريصين على سمعة الدولة .. وكيان الشعب ، ولا نقر أبدا هذه الإثارة الجنسية الفاضحة ، ولا نرضى أن يصور بها شعبنا المصرى . ونحن نعرف تماما أن صناعة السينما كأى صناعة أخرى لها اعتبارات تجارية .. وكل ما نطلبه نحن ، هو عدم ترجيح العمل التجارى على كيان الشعب الأخلاقى وسمعتنا فى العالم .. فليس معنى كونها تجارية أن تنصرف بكليتها نحو هذا النوع الرخيص الذى يؤدى إلى انهيار الصناعة .. عاجلا كان أو آجلا.
     والسينما ، إلى جانب كونها عملا تجاريا ، فهى فن ثقافى فيه تسلية وترفيه .. ولا يصح أن يأتى الترفيه على حساب الحط من مستوى الأخلاق ، ونحن فى عهد يعيش فيه الفرد والمجتمع .
     وأعجب جدا أن يناقشنى منتج فى رقصة يحذفها الرقيب .. كأن هذا فى مدار الفيلم ولا قيمة له بدونه ، وأنا أؤمن بعدم جدوى محاربة الغريزة الجنسية .. إلا أننى أرى أن نتسامى بها.. ولا شك أن أى مشتغل بالفنون يرى أن الغريزة الجنسية مصدر من مصادر وحيه الفنى ، ولكن الفنان رسالته تهذيب الغريزة حتى يأتى التعبير عنها جميلا .. يغذيه جانب كبير من الروحانية والحوار الشيق.
     والرقص الشرقى بين أمرين .. إما تهذيبه بحيث تصبح له فكرة وموضوع .. وأعتقد أن هذا من الصعوبة بمكان .. وإما الانصراف عنه والاتجاه بالرقص كما اتجه إليه الغربيون فجعلوا من الرقص والتعبير الجسدى معانى أسمى من أى لغة فنية أخرى..
     وأعتقد أن فى يد السينمائيين أن يحلّوا هذه المشكلة بالانصرف عن الرقص الشرقى .. أو تهذيبه .. إذا لم يكونو قادرين على الانصراف عنه.
     ولقد شهدت أفلاما مصرية عديدة لا تعتمد على الرقص ، كان نصيبها النجاح والإقبال .. وإلى أصحاب هذه الافلام أقدم عظيم تقديرى وإعجابى". انتهى كلام السيد مدير الرقابة الفنية ولا تعليق سوى أننى أبعث بتلك الرسالة إلى كل مهتم بالعمل الفنى مع ملاحظة أن تلك المجلة وهذا الكلام كان عقب ثورة يوليو 1952 بأقل من عام ونصف تقريبا.ماذا لو كان هذا الرقيب فى ايامنا تلك كان يقول رحم الله رقصات أيام زمان وسينما زمان وألفاظ زمان وبعدها ينطق الشهادتين ويلقى رب كريم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق