الدش هو "الطبق" أو "الستلايت" الذى انتشر فى مصر بديلا عن "الإيريال" أو الهوائى الذى كان لا يأتى لنا إلا بالإعلام الرسمى العقيم،منذ عدة أيام فوجئت بمن يعطينى ورقة أشبه ببيان أو منشور بعنوان "وقفة مصارحة" فظننت أن حرب المنشورات قد بدأت،وأن أتباع الدكتور البرادعى قد أعدوا العدة لمواجهة الاستبداد السياسى فى مصر،وعادة إذا ما أعطاك شخص ورقة تنظر إلى أعلاها وأسفلها فربما تجد ما يشدك ويشجعك على قرائتها،وبالفعل نظرت إلى أعلاها فوجدت عنوان جميل "وقفة مصارحة" ونظرت إلى أسفلها فوجدتها مزيلة بتوقيعات لعلماء أفاضل جميعهم من المملكة العربية السعودية فعلمت أن الأمر لا صلة له بالدكتور "البرادعى"فقلت أقرأ لعله يكون بيان ضد التواجد الأمريكى فى الخليج،وما إن بدأت القراءة حتى وقع نظرى على كلام جميل عبارة عن دعاء " اللهم جنبنا الفتن..ما ظهر منها وما بطن" وسبق هذا الدعاء ثلاث كلمات: "طالما دعونا جميعا" وتصورت أن البيان ينتقد ظاهرة الدعاء دون عمل وعندما أكملت الورقة من القراءة فإذا بى أجد أمرا عجبا فلقد وجدت هذا البيان يحذر من "الدش" أخرج "الدش" من بيتك،وقد يكون هذا مطلب كثير من الإسلاميين السعوديين أو المتسعودين وقد سمعنا هذا من قبل مرات ومرات سمعناه فى أشرطة "الكاسيت" وسمعناه من فوق المنابر طبعا هذا الكلام سمعناه قبل أن يكون الإعلام فتح أبوابه لهؤلاء الذين كانوا يحاربونه،لكن بعد أصبح رجال الدعوة كما يطلقون على أنفسهم نجوما على الفضائيات..على عشرات الفضائيات هل يجرؤ واحد منهم أن ينادى بما كان يقوله سابقا،وهل لديهم الجرأة أن يقدموا اعتذارا للمشاهدين لدعوتهم السابقة وأصبحوا الآن يعرضون برامجهم وعلى الهواء مباشرة حتى بعد آذان الفجر وسيجدون مخرجا لكل فتاواهم،الغريب فى الأمر أن الذين كانوا يحرمون اقتناء "الدش" هم أكثر الناس ظهورا عليه ومعروفون بالاسم وكأن الدش الآن أصبح من أركان الإسلام بعد أن كان شيطانا يجب رجمه،وأنا لا أنكر أبدا سلبيات الدش التى تضاعفت بسبب القنوات الفضائية ولعلكم تستغربون هذا لأن الأمور لدينا فى مصر خاصة تمشى عكس الاتجاه الصحيح بما فيها بل على رأسها القنوات الدينية فكلما خرجت قناة دينية خرجت عشرات البرامج عندا فى القنوات الدينية وخرج عشرات العلماء ليطعنوا فى مشايخ البرامج الدينية والعامل المشترك بين كل تلك القنوات سواء الدينية منها أو غير الدينية هو التربح من البرامج وشفط جيوب الغلابة من البشر،وكل يدافع عن فكرته،وكل يتاجر ببرامجه،وإذا بحثت عن ناتج كل تلك الفضائيات الغسة والثمينة تجد العائد الإيجابى صفر مثل صفر المونديال الشهير،وكان يجب على مشايخنا الكرام أن يطالبوا الناس أيضا بعدم اقتنائهم الدش الآن ،فيوم أن كانوا يطالبون الناس بالبعد عن "الستلايت" كان الأطباق لا تلتقط إلا عشرات القنوات، أمّا الآن فهى تلتقط آلاف القنوات،وكان يجب على هؤلاء المتربحين من برامجهم الدينية يتبنون مشروعا إسلاميا بحتا يحاولون من خلاله عمل أجهزة استقبال للقنوات الدينية والعلمية فقط،لكن لأن عملهم كله متداخل ومرتبط فى زفة الإعلام الموجه الذين هم أكثر الناس توجيها وهم يعرفون ذلك جيدا إنهم ضمن منظومة إعلامية فاسدة،وكثير منهم كان يحرم دخول مجلس الشعب،وقياسا على فتوى مجلس الشعب فمن باب أولى أن يحرموا مشاركتهم فى الفضائيات،وحتى لا يتصور أحد أنى ضد الفضائيات الدينية على إطلاقها كما لا يمكننى أن أتجاهل أنها استطاعت أن تنشر ثقافة دينية بين أفراد الشعب،لكن حصيلة تلك الثقافة لا تختلف كثيرا عن الموروث الثقافى الدينى الذى يعيشه المواطن المصرى كل ما فى الأمر زيادة أعداد المتدينين الذين لا يهمهم تزوير الانتخابات ولا يهمهم هدم المسجد الأقصى ولا يهمهم احتلال العراق أو أفغانستان يعنى بالشعبى الفصيح "العدد فى اللمون" ومنهم من يعتبر أن مقياس رضا الله على العبد أن يكون لديه بيتا جميلا وسيارة فارهة وعدد من الزوجات الحسان وقد يتساوى هذا مع كثير من الذين يقومون بأعمال غير مشروعة،وليس من الصواب أن يعتبر البعض أن القنوات الدينية فتح عظيم لسبب واحد أن هناك قنوات دينية أخرى عليها علماء آخرين ينتقدون بشدة قنوات دينية مثلها وبرامج دينية تفعل نفس الشئ وهذا يخدم المتربصين بالإسلام ولو الكان النظام المصرى قلبه على الإسلام لأصدر قرارا فوريا بإيقاف كل القنوات الدينية التى يضرب بعضها بعضا،لكن النظام الحاكم فى مصر يعلم تماما كيف يوجه سياسته هو يريد أن يقول للأمة انظروا كيف يختلف علماء الأمة فهل مثل هؤلاء يستطيعون أن يحكموا بالإسلام وبالتأكيد ستكون الإجابة "لا لحكم الإسلام" وحينما تنتهى الدولة من خطتها ستطرد هؤلاء المشايخ من الفضائيات وسيحل محلها قنوات أشد بؤسا مما هى عليه الآن كنت أتمنى من مشايخنا الكرام أن يعقدوا اجتماعا لله يضعوا فيه مشاكل الأمة الحقيقية أمامهم - وليست مشاكل الاتصالات الهاتفية "الركيكة" التى تعرى الأمة - لمدارستها والتعامل معها بما يليق بهم وأن يتعاونوا قدر الإمكان فى توحيد الفتاوى وأن يمتنعوا عن الإفتاء على الهواء مباشرة وأن يعطوا أهمية قصوى للمقدسات الإسلامية،وقد يسأل سائل هل إذا فعلوا ذلك ستسمح لهم الدولة أقول: إذا كان الأمر لديهم هو إرضاءالدولة الرسمية فلا يغضبوا مما ينالهم فهم جزء لا يتجزأ من النظام الفاسد بقصد أو بدون قصد،وإذا تم غلق القنوات فلن نخسر شئيا،بل ربما ينتفض الناس من أجل عودتها ويحدث حراك سياسى من نوع آخر من أجل هذا،ومن ذكاء بعض القائمين على الإعلام أنهم يسمحوا بظهور بعض الناس الذين لهم صبغة سياسية دينية مثل الشيخ الفاضل "حازم صلاح أبوإسماعيل" أو الدكتور صفوت حجازى الذان لا يخشان فى الحق لومة لائم حتى يكون الإخراج جيد ،لكن هذا لن يستمر طويلا.
|
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق