كتبه: أبوالمعالى فائق
منذ أن أسس الشاب العبقرى -وأنا أحب أن أطلق عليه لقب العبقرى- الأستاذ حسن البنا جماعة "الإخوان المسلمون" التى لفتت أنظار العالم بدقة تنظيمها وانتشار شعبيتها،وهى فى صراع سياسى مع السلطة،وربما البعض من شباب الإخوان وغير الإخوان لم يقرأ كثيرا فى أدبيات الإخوان،وإذا قرأ فلم يقرأ إلا الخلاف الذى حدث بين الإخوان والسلطة منذ الملك فاروق وحتى اللحظة،فمثلا تجد الكثير من الإخوان قرأ كتاب "أيام من حياتى" للسيدة زينب الغزالى التى سجلت فيه تجربتها فى عهد الرئيس الراحل "جمال عبدالناصر" وما تعرضت له من تعذيب حسب روايتها،وكانت هناك علاقة وطيدة بين عبدالناصر والإخوان يظهر هذا فى وجودهم فى بعض اللقاءات وكان عبد الناصر يصلى خلف المرشد العام الثانى للجماعة المستشار حسن الهضيبى،المشكلة الكبرى فى كل هذا الصراع أن يتم تصويره على أنه صراع دينى وليس صراعا سياسيا،وجماعة الإخوان وبدون مجاملة هى الحركة الوحيدة التى ظلت متماسكة منذ نشأتها رغم كل الانشقاقات التى حدثت بداخلها والاضطهادات التى تعرضت لها،وحتى الأحزاب السياسة بكل اتجاهاتها لم تستطع أن تبنى جماهيرية أو شعبية فى الشارع المصرى مثل التى بنتها جماعة الإخوان،وحتى كتابة تلك الكلمات لم يحافظ كيان سياسى فى مصر على اسمه -بغض النظر قوته العددية- غير الإخوان والوفد،والحقيقة فى الحوادث الجسام تجد نفسك مضطرا إلى قراءة أدبيات أطراف الصراع وبخاصة ذاك الطرف البعيد عن السلطة أو الذى يرى نفسه أو يقول عن نفسه أنه لا يريد سلطة ثم تجده يحارب من أجلها،لذلك أقول: أن الصراع بين الإخوان والسلطات قديما وحديثا صراعا سياسيا وليس دينيا وسيظل مستمرا طالما الإخوان خارج سدة الحكم،ولا عيب أن تظهر جماعة -أى جماعة- تريد أن تصل للحكم سياسيا شريطة أن تكون مستبصرة بمخاطرها وتضحياتها وقادرة على الإمساك بزمام الأمور فيها ولا تتعامل معها بميدأ التجارب،وقالوا قديما كل شئ مباح فى الحرب والحب،والحرب هنا تمثل السياسة...بل لا عيب أن تجعل هذه الجماعة أو تلك وصولها للحكم مشروعا تسخّر كل جهودها لإنجاحه،وقد نجحت جماعة الإخوان فى هذا المشروع بدرجة كبيرة جدا مما جعل بعض الحركات السياسية تتعامل معها بمنطق تبادل المصالح،وهى أيضا تعاملت بنفس المنطق على جميع المستويات (مع الأنظمة والأحزاب والأفراد) وفى كتاب للأستاذ "محمد حامد أبوالنصر" المرشد العام الرابع للجماعه الذى ظل مرشدا للجماعة لمدة عشر سنوات،من يقرأ هذا الكتاب يعلم أن جماعة الإخوان كانت قريبة من السلطة سواء فى النظام الملكى أو الرئاسى حتى لو كان هذا التقارب يأخذ أشكالا متعددة بين المهادنة والمشاكسة التى وصلت ذروتها بعد الثالث من يوليو 2013 ومن يرجع إلى كتاب فضيلة الشيخ محمد الغزالى "من معالم الحق" يجد فيه نقدا قاسيا لجماعة الإخوان فى عهد مرشدها الأسبق الأستاذ "الهضيبى" رحمه الله ،وإن دل هذا على شئ فإنما يدل على أن جماعة الإخوان كان فى داخلها الصوت المعارض منذ نشأتها الذى كان يقابل أحيانا بالطرد من الجماعة ورغم كل تلك الأعاصير التى واجهت الجماعة لكن لا يستطيع أحد أن ينكر أنها جماعة قوية ومنظمة ولديها كفاءات لو شاركت فى أى نظام حاكم لأنجحته،لكنها فضلت أن تكون فى سدة الحكم رافضة أى مشاركة علما بأنها كثيرا ما صرحت بشعار "مشاركة لا مغالبة"،ويؤسفنى أن "الإخوان المسلمون" يعتبرون ثورة 23 يوليو انقلابا عسكريا على الرغم من أنهم لم يكونوا حكاما فى ذلك الوقت...بل إن السلطة فى ذلك الوقت طالبتهم بالمشاركة فى الحكم لكنهم رفضوا،الأمر الذى وتّر العلاقة بين قيادات الثورة وجماعة الإخوان ووقتها قبل الشيخ "الباقورى" الذى كان قياديا فى الجماعة منصبا فى الحكومة وتم فصله من الجماعة،ومن قبل حينما طلب منهم الملك فاروق عبر أمين عام جامعة الدول العربية فى ذلك الوقت "عبدالرحمن عزام" بعد عرضه مذكره على الملك فاروق لمواقف الإخوان فى فلسطين الأمر الذى جعل الملك فاروق أن يبعث برسالة للأستاذ حسن البنا بأن يرشح ثلاثة من الإخوان ليكونوا وزراء فى حكومة النقراشى باشا باسم آخر غير جماعة "الإخوان" وبعد عرض الأمر على مكتب الإرشاد تم رفض العرض،وبعد هذا الرفض قال الأستاذ "أبوالنصر" فى كتابه: ",من هذا يتضح أن الإخوان المسلمين ليسوا طلاب حكم وليس هم الذين يتخذون الدين مطية للوصول إلى كراسى الحكم كما تخرص المتخرصون".
لقد قرأت كتاب "حقيقة الخلاف بين "الإخوان المسلمون" وعبدالناصر قراءة متأنية خرجت من تلك القراءة بأن الخلاف سيظل قائما بين جماعة الإخوان وبين أى سلطة فى مصر طالما أنهم ليسوا فى سدة الحكم،والذى يدفع ثمن كل تلك المواقف هم جماعة الإخوان وشبابهم وفتياتهم
وأرجوا أن لا يقول لى حد: "كيف تقول هذا الكلام وأنت كنت مرشح على قائمتهم" نعم كنت مرشحا على قوائمهم مثل غيرى من الكثيرين الذين ترشحوا على قوائمهم من غير الإخوان ولكل ظروف ترشحه،وأشهد الله أننى أكتب هذا كى تعيد جماعة الإخوان قراءة التاريخ والاستفادة منه مع إعلانى أننى ضد كل الإجراءات التى تتخذ ضدهم،وفى الوقت نفسه ضد تمسكهم بسلطة لم يأخذوا منا إلا اسمها لا سيما وأنهم قالوا كثيرا: "أننا لسنا طلاب سلطة".
|
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق